"زكي بني أرشيد" العقل المدبر لإخوان الأردن
السبت 04/يناير/2020 - 12:44 م
طباعة
زكي بني أرشيد
علي رجب
قدّم القيادي في جماعة "الإخوان المسلمين" في الأردن زكي بني أرشيد، استقالته من موقعه في مجلس شورى الجماعة، في أغسطس الماضي، الأمر الذي ينذر بتصدّع صفوف الإخوان، لاسيما وأنّه كان، خلال السنوات الماضية، يوجه بوصلة الجماعة، وحزب "جبهة العمل الإسلامي" في الحراك السياسي على الساحة المحلية.
وقال بني أرشيد، إنّ استقالته ليست لها أي إبعاد سياسية، وإنّما جاءت بناء على رغبته الشخصية، مؤكداً أنّه سيبقى عضواً فاعلاً في جماعة "الإخوان المسلمين"، وأوضح أنّ "الاستقالة لا تعني الخروج من الجماعة أو الانتقال إلى حزب سياسي آخر، أو البدء بمشروع سياسي جديد".
حياته ونشأته
زكي بني أرشيد ;كان نائب المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين في الأردن، والأمين العام السابق لجبهة العمل الإسلامي (الذراع السياسي للجماعة، يوصف بأنه الرجل الأكثر إثارة للجدل في جماعة الإخوان المسلمين، والرجل الثاني في جماعة إخوان الأردن، المحسوب على تيار "الصقور").
ولد 1957 في مدينة الزرقاء شرق العاصمة عمّان، وتعود أصوله إلى عشيرة بني أرشيد، وموطنها الأصلي لواء الكورة التابع لمحافظة إربد شمال الأردن.
في التنظيم
انتمى لجماعة الإخوان أثناء تعليمه المدرسي منتصف سبعينيات القرن الماضي، وظل على انتمائه خلال دراسته في كلية عمّان الهندسية "البولتكينك" والتي ترأس فيها مجلس الطلبة خلال دراسته عام 1976، قبل أن يتخرج من الكلية حاصلا على دبلوم الهندسة الكيميائية عام 1977.
بدأت علاقته بالمناصب القيادية في الإخوان المسلمين عام 1990، عندما انتخب نائبا عن شعبة الزرقاء التابعة للجماعة، كما انتخب عضوا بمجلس شورى الجماعة في الفترة من 1990 حتى 1994.
انتخب عام 2002 بعضوية المكتب التنفيذي لحزب جبهة العمل الإسلامي، وعام 2006 أمينا عاما للحزب حتى عام 2009، وعضوا في مجلس شورى الجماعة عام 2008، ثم عضوا بالمكتب التنفيذي عام 2010.
انتخب بني أرشيد عام 2012 نائبا للمراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين، وبات أحد أبرز المرشحين للتنافس على منصب المراقب العام في الانتخابات المقررة عام 2016.
في نوفمبر 2014 اختير بني أرشيد، أمينا عاما لمنتدى كوالالمبور برئاسة مهاتير محمد؛ حيث كان الإخواني العربي الوحيد الذي جلس في موقع الأمانة العامة بسبب خبرات التجربة الأردنية في الإخوان كما يقدر العضايلة.
الوظائف
نشط بني أرشيد في العمل النقابي، حيث فاز برئاسة النقابة العامة للعاملين في الإسمنت الأبيض عام 1992، كما فاز برئاسة النقابة العامة للعاملين بالبناء عام 1995، وبالتالي حاز على عضوية الاتحاد العام لنقابات العمال بالأردن في ذات العام.
العقل المدبر
خاض صداماً شديداً مع الحكومة في العديد من المناسبات توج بقطيعة وعدائية معلنة منذ قرابة ثلاث سنوات، يمثل رسالة شديدة اللهجة للقوة الأكثر تنظيماً ومعارضة للحكومة.
واتهم بني أرشيد، خلال موسم الاحتجاجات الأردنية المطالبة بالإصلاح عقب ثورات الربيع العربي، بأنه العقل الإخواني المدبر لها؛ الأمر الذي رفع منسوب العداء للرجل لدى الجهات المحسوبة على النظام، سياسية كانت أم برلمانية أم شعبية، والتي وصلت حد اتهامه بالعمالة من قبل نواب تحت قبة البرلمان. وفي مرات أخرى جرت محاولات للاعتداء عليه خلال جولاته على مناطق في المملكة.
وجاء اعتقال الرجل القوي في الجماعة، تنفيذاً لاستدعاء من قبل محكمة أمن الدولة، التي وجّهت له تهمة القيام بأعمال من شأنها تعكير صفو علاقات المملكة مع دولة أجنبية، المنصوص عليها في قانون منع الإرهاب، وذلك على خلفية مقال هاجم فيه نائب المراقب العام لائحة الإرهاب التي أعلنتها الإمارات، التي تعتبر أحد أهم حلفاء الأردن في ما يعرف بحلف الاعتدال العربي، الذي يضم إلى جانبهما السعودية ومصر.
لم يكتفِ بني أرشيد، المنتمي إلى تيار صقور الجماعة (المتشددين)، بالهجوم على لائحة الإرهاب الإماراتية الصادرة قبل أيام، بل ركّز هجومه اللاذع على الدولة نفسها، حين وصفها براعية الإرهاب. كما شكّك بدورها في المنطقة، في نقد أزعج الحكومة وسبب لها الحرج.
رجل حماس في إخوان الأردن
ليس سرا في مواصفات العقل السياسي والأمني الأردني أن بني أرشيد هو «رجل حركة حماس» في التنظيم الإخواني الأردني، وأنه «الهدف الأثمن» لكل الأدبيات الانشقاقية التي تتبناها حركة زمزم ودعوات الإصلاح التي يتبناها المراقب العام الأسبق عبد المجيد الذنيبات.
عندما يتحدث الذنيبات وزمزم عن «المال السياسي» وتأثيره على الانتخابات الداخلية وعن «اختطاف التنظيم» وعن «تنظيم سري داخل الجماعة»، عندما تبرز كل هذه الاتهامات المعلبة ينصرف التهامس إلى بني أرشيد تحديدا؛ الأمر الذي يؤدي للاستنتاج بأن اعتقاله ثم محاكمته ينطويان على خدمة كبيرة لتيارين على الأقل في الداخل الإخواني كانا على وشك «تلقي ضربة قاصمة» في الترتيب الداخلي عبر اللافتة التي تحمل اسم مبادرة المراقب العام همام سعيد.
لذلك اعتقل بني أرشيد مباشرة بعد انتهاء الاجتماع الأول لمجلس الشورى الذي خصص لمناقشة وثيقة وصفها العضايلة بأنها «تاريخية» تقدم بها المراقب العام، وتحاول حسم كل القضايا العالقة التي يطرحها الجناحان في زمزم أو في دعوات الإصلاح الداخلي التي تبناها الذنيبات.
الأجواء داخل الشورى كانت تسير لصالح تسويق وثيقة المبادرة ليلة اعتقال بني أرشيد، والميزان كان يسير باتجاه انتخابات مبكرة قد تقفز ببني أرشيد نفسه لموقع المراقب العام بدلا من الشيخ سعيد؛ بدليل أن بعض الأطراف المعترضة على الثنائي أرشيد وسعيد فاضلت بين الأولويات وقدرت بأن بقاء سعيد أقل كلفة من عبور أرشيد لكرسي «المراقب العام».
وفي سجن ماركا
نقلت إدارة السجون الأردنية نائب المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين زكي بني أرشيد إلى سجن ماركا صباح الجمعة، وكانت الأجهزة الأمنية قد اعتقلت بني أرشيد بطلب من مدعي عام أمن الدولة في ساعة متأخرة من يوم الخميس عقب خروجه من اجتماع لمجلس شورى الجماعة ثم تم تحويله إلى سجن الجويدة.
لا ينكر العالمون ببواطن عمل التيار المتشدد في الإخوان أنه عموده الفقري، وغيابه يعني خسارة المعركة مع الدولة وتعدد خصوم الصقور السياسيين والشعبيين، بعد أن تعرض الربيع العربي لانتكاسات شعبية قبل أن تكون رسمية، لن تجعل المحاكمة المنتظرة لـ"أرشيد" بطلا شعبيا كما كان يجري سابقا مع معتقلي المعارضة.
الأن
يبدو أنّ أفكار بني أرشيد خلقت اصطفافاً مضاداً في الجماعة، فقبل أكثر من عام تقريباً، قدّم ورقة عمل بعنوان "جماعة الإخوان المسلمين: تقدير الموقف وقراءة المستقبل"، ضمن فعاليات مؤتمر "مستقبل الإسلام السياسي في محيط مضطرب"، قال فيها إنّ حزب "جبهة العمل الإسلامي"، "بدأ بعملية المراجعة تحت عنوان إعادة الهيكلة، وإذا استطاع الحزب أن ينجز هذه العملية، فيمكن اعتبار ذلك مرحلة التأسيس الثانية للحزب"، مما جعل البعض يعتبر في تلك الأفكار خروجاً عن الثوابت.
ويمكن تلخيص أفكار بني أرشيد، حول المراجعة الداخلية لـ"جماعة الإخوان المسلمين"، بـ"الفصل بين الدعوي والسياسي، والمواطنة، وإعادة إنتاج الجماعة، بما يضمن بقاءها من جديد".
وعُدّت أفكار بني أرشيد هذه، وهو الذي يُحسب على "الإخوان"، تحوّلاً من نمطية متشددة إلى حداثية متقدمة، ما أدى إلى اتساع الفجوة بين أفكاره وقيود الجماعة التنظيمية.